مدير عام المنتدىعدد المساهمات : 457 نقاط : 11641 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 15/07/2011 العمر : 52 الموقع : http://www.anwarbaghdad.com
موضوع: تحليل سوسيولوجى لأزمة القيم الأخلاقية الإثنين مايو 26, 2014 7:46 pm
تحليل سوسيولوجى لأزمة القيم الأخلاقية بين الشباب المصرى دراسة ميدانية د/ أحمد فاروق أحمد حسن أستاذ علم الاجتماع المساعد كلية الآداب – جامعة المنيا
مقدمة : للقيم أهميتها بالنسبة للفرد والمجتمع فهى تمثل إطاراً مرجعياً يحكم تصرفات الإنسان فى حياته، كما أنها تمكنه من مواجهة الأزمات ويؤكد ذكى نجيب محمود أن فهم الإنسان على حقيقته هو فهم للقيم التى تمسك بزمامه وتوجيه(1). فهى تحدد للفرد السلوك وترسم مقوماته، وتعينه على بنيانه، فهى تتغلغل فى حياة الناس أفراداً وجماعات وترتبط عندهم بمعنى الحياة ذاتها(2). كما أنها تحفظ للمجتمع تماسكه وتحدد له أهدافه ومثله العليا لممارسة حياة اجتماعية سليمة، إضافة إلى تحقيق الأمن القومى وحمايته من خطر الغزو الخارجى الذى يعمل على تنميط أفكار البشر وفقاً للنمط الغربى، كما أنها تتسم فى تشكيل خصوصية المجتمع لأنها تمثل جانباً رئيسياً من ثقافة أى مجتمع، فكما أن لكل مجتمع ثقافته المتميزة فإن له أيضاً قيمه التى تميزه عن غيره من المجتمعات الأخرى(3). وإذ تحتل القيم مكانة هامة فى حياة الفرد والمجتمع فلها أهميتها بالنسبة للشباب فتعمل على وقايتهم من الانحراف وتساهم فى بناء شخصيتهم، وقدرتهم على التكيف مع الحياة ومشكلاتها، كما أنها تعمل كموجهات لحيازتهم فى مجالات الحياة المختلفة فتجعلهم أكثر قدرة على اتخاذ قراراتهم وإنهاء صراعاتهم ومواجهة أزماتهم وتحدياتهم وتنمية مجتمعهم(4). وقد اهتم الكثير من الفلاسفة والمفكرين منذ القدم بموضوع القيم الأخلاقية باعتبارها أساس استقرار المجتمع وتقدمه، وفى الوقت الحالى أهتم أيضاً العديد من الباحثين بإجراء دراسات حول القيم وأهميتها ووضعوها ضمن أولويات البحث العلمى، وإذا كانت القيم الأخلاقية قد نالت الاهتمام من قبل المجتمع فى الماضى فإننا اليوم فى أشد الحاجة إلى اهتمام أكبر بتلك القيم(5). وقد شهد المجتمع المصرى فى النصف الثانى من القرن العشرين مجموعة من التغيرات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من حيث عمقها واتجاهاتها ونتائجها والتى أثرت بشكل مباشر على النسق القيمى لدى أفراد المجتمع بصفة عامة وعلى الشباب بصفة خاصة حيث تتمثل هذه التغيرات فى جملة التصورات التى حدثت للواقع المصرى خلال تلك الفترة بانتهاج سياسة الانفتاح الاقتصادى والتى أفرزت قيما جديدة مستحدثة لم تكن موجودة من قبل فقد استبدلت، والقيم الاجتماعية هى منظومة الحياة تؤثر فى حياة البشر وفى سلوكياتهم وتحدد شكل العلاقات الإنسانية وأنماط التفاعل وهى صمام الأمان داخل التجمعات البشرية، وتمثل القيم أدوات الضبط الاجتماعى ومحركات السلوك وتفرز آليات الاستقرار والتوازن فى المجتمعات البشرية. وإذا تعرضت منظومة القيم الاجتماعية إلى هزات أو تحولات غير مرغوب فيها أو انتابها نوع من الخلل نتيجة عوامل وظروف محددة تدهورت أحوال البشر وعم الفساد فى الأرض وشعر الناس كما يشير ابن خلدون- بفقدان التوازن وعدم الثقة وضياع الرؤى وانتابت البشر حالة من الإحباط والعجز وعدم الرضى والقلق والتوتر وشاعت بين الناس حالة من التردى والوهن وسادت الفوضى الأخلاقية والسلوكية وفقد النظام الاجتماعى قدرته على البقاء والالتزام وضعف لديهم الشعور بالإنتماء للوطن كل ذلك يعنى الإحساس بوجود أزمة أو حالة يطلق عليها علماء الاجتماعى "أنومى" أو اللامعيارية الأخلاقية(6). وقد أثرت هذه التغيرات بشكل مباشر على القيم الأخلاقية لدى أفراد المجتمع بصفة عامة وعلى الشباب بصفة خاصة وأدت ما يسمى بأزمة القيم الأخلاقية. وترجع الأزمة الأخلاقية والسلوكية إلى عوامل داخلية، وعوامل خارجية، فالعوامل الداخلية مرتبطة بالبنية الداخلية للمجتمع المصرى وهى نتاج لعوامل مادية حيث المشكلات الاقتصادية التى تواجه الناس خلال مسيرة حياتهم المعيشية وتقف حائلاً أمام احتياجاتهم الأساسية فالفقر والبطالة وارتفاع الأسعار وانخفاض الدخول وقلة الخدمات وزيادة مستوى المعيشة والقهر المادى والاستغلال الاجتماعى وعجز الأفراد عن تدبير أمور حياتهم المعيشية كل ذلك يؤدى إلى تشكيل أنماط سلوكية لا معيارية ويخلق نوعاً من الخلل الذى يتفاقم عبر الزمن بل قد يصل إلى خلق أشكال من الانحراف حيث يحاول كل فرد البحث عن وسائل غير مشروعة للتغلب على تلك المشكلات المادية والضغوط الناتجة عنها(7). وبالإضافة إلى العوامل المادية، هناك عوامل غير مادية تلعب دوراً هاماً فى تكوين الظواهر الاجتماعية المرضية من أهمها الفساد والتسيب واللامبالاة وعدم الانضباط والفوضى الأخلاقية وزيادة العنف والتطرف بأشكاله المختلفة، وظهور أنواع من الجرائم المنظورة وغير المنظورة كالرشوة والبلطجة وغيرها من الأفعال التى تدل على تدهور القيم الاجتماعية وتحولها من قيم إيجابية بناءة إلى قيم سلبية تضعف من قدرات البشر وتهدم كيانات المجتمعات البشرية(. أما العوامل الخارجية فتتمثل فى الثورة العلمية والتكنولوجية حيث جعلت العالم أكثر اندماجاً وسهلت حركة الأفراد ورأس المال والسلع والخدمات وانتقال المفاهيم والأذواق والمفردات فيما بين الثقافات والحضارات فهى الطاقة المولدة المحركة للقرن الحادى والعشرين فى كل سياقاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية فهذه الثورة أحدثت تغيرات أساسية فى الطريقة التى ينظر الناس بها إلى أدوارهم وأبرز جوانب الثورة العلمية فى الحاسوب والإنترنت(9). وقد أثرت الثورة العلمية والتكنولوجية على الشباب فأصيب بعدم القدرة على الاستقرار فى القيم الموروثة، والمكتسبة، ضعف القدرة على الاختيار بين القيم المتضاربة، عجز عن تطبيق ما يؤمنون به من قيم، مما سبب له أزمة قيمية دفعت بالشباب بالثورة على قيم المجتمع واغترابهم عن القيم التى جاءت بها الثورة العلمية والتكنولوجية(10). كما أثرت الثورة العلمية والتكنولوجية على قيم الشباب فانتشرت سلوكيات مشتركة منها الثقافة الاستهلاكية، أغنيات شبابية، ملابس عالمية، أفلام عنف، تنميط الأذواق، تقولب السلوك، ثقافة المخدرات، وقد أفرزت عدة مشكلات منها انتشار الجرائم، البلطجة، وتدهور مستوى المعيشة، تقليص الخدمات الاجتماعية التى تقدمها الدولة، اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء(11). وكذلك أثر الإعلام بما يملكه من قوة تأثير كبيرة وخاصة بعد ظهور الفضائيات وما يسمى بالسماوات المفتوحة على قيم الشباب، وقد ساهم الإعلام فى نشر أنماطاً وقيماً أخذ بعضها طابعاً عالمياً وجاوز حدود حضارته التى أفرزته من خلال انتشار ثقافة الصورة، وقد أثر الإعلام على تشكيل وعى الشباب بتأكيد القيم النفعية والفردية، وانتشار ثقافة الاستهلاك نتيجة الانفتاح، والهجرة للخليج بالإضافة إلى انتشار المخدرات، تمجيد كل ما هو أجنبى وتحول الشباب إلى اتساق عالمى متحرر(12). يتضح مما سبق أن العوامل الداخلية المرتبطة بالبنية الداخلية والعوامل الخارجية المتمثلة فى الثورة العلمية والتكنولوجيا وآلياتها المختلفة أثرت على قيم الشباب بصفة عامة وساعدت على إلى حدوث الأزمة الأخلاقية بين الشباب بصفة خاصة داخل المجتمع المصرى. مشكلة الدراسة : لقد أصبح المجتمع يعانى الكثير والكثير من المشكلات الناجمة عن تغير القيم فإذا نظرنا قليلاً نحو أنفسنا نرى ما آلت إليه بعد قيمنا الأصيلة التى كانت سمة لمجتمعنا قد عفا عليها الزمن وأصبحت لا تتناسب مع عالم الماديات والتكنولوجيا المعاصرة. ومن مظاهر تضاؤل القيم الأخلاقية فى الجيل الناشئ عدم احترام ملكية الغير وحقوقهم والتنكر لحقوق الوالدين واللامبالاة بالنظم والقوانين وأصبح المجتمع أكثر عنفاً وأقل انضباطاً وأكثر تساهلاً. ولقد طغت القيم المادية على القيم الروحية التى اختنقت وانخفضت فى الصدور، فسادت الأنانية، والاستغلال، وحل الصراع محل التنافس والتعاون وغاب التكافل الاجتماعى وتفككت الروابط الاجتماعية الأصيلة وصارت روابط المصالح والمنافع وهى روابط وهمية مؤقتة مرتبطة بالموقف فقط وتتمزق بمجرد انتهاء المصلحة، قل الإحساس بالخطر العام على المجتمع فضاعت الشهامة والمروءة وصار الناس إذا مروا على حادث رفضوا الإبلاغ وإذا طلبت منهم الشهادة أنكروها والمساعدة منعوها وإن ما نلاحظه من إهدار للمال العام وتخريب الممتلكات والمرافق العامة وغيرها والاستهتار بالقيم وضعف الغيرة على أعراض الناس وتقطع الأرحام والصلات الإنسانية وذلك يرجع إلى التغيرات التى طرأت على المجتمع المصرى فى الفترة الأخيرة والتى انعكست على سلوكيات الشباب وأحدثت أزمة أخلاقية فيما بينهم. فتحاول الدراسة أن تتعرف على مجموعة العوامل الداخلية المرتبطة بالبنية الداخلية للمجتمع المصرى وكذلك العوامل الخارجية التى أدت إلى حدوث تلك الأزمة أيضاً.
أهمية الدراسة : 1- تهتم الدراسة بدراسة الجانب الخلقى فى الوقت الحاضر فالمتتبع للصحف اليومية فى الآونة الأخيرة يلاحظ أنها تقوم بنشر العديد من الجرائم مثل الخطف، والاغتصاب والاختلاس والرشوة وحوادث التطرف والتحرش الجنسى وهى جرائم غريبة نسبياً على مجتمعنا المصرى والتى يمكن أن ترجع فى تحليلها النهائى إلى قصور الجانب الخلقى الذى يعانى منه هؤلاء الأفراد من مرتكبى الحوادث والجرائم، كما تزايدت موجة العنف والإرهاب فى مجتمعنا فى الآونة الأخيرة بصورة لم يسبق لها مثيل. 2- إن القيم الأخلاقية هى مؤشر لنوعية الحياة فى أى مجتمع لأنها انعكاس للأسلوب الذى يفكر به الفرد وفى ظل التحولات التى طرأت على المجتمع تعد القيم نوعاً ثابتاً من الضغوط الاجتماعية المؤثرة فى السلوك ويظهر ذلك فى قبول بعض الأعمال والسلوكيات. 3- إن أهمية الدراسة ترجع إلى أهمية الموضوع الذى تتصدى له الدراسة حيث يلاحظ من البحوث والدراسات العربية والأجنبية التى أجريت فى مجال القيم الأخلاقية أن دراسة القيم الأخلاقية لم تحظ باهتمام الكثير من الباحثين إذا ما قورنت بعدد الدراسات التى أجريت فى مجال القيم بصفة عامة. 4- تهتم هذه الدراسة بالشباب حيث إنه يعتبر القلب النابض فى المجتمع فهم قادة المستقبل فالمجتمع الغنى بشبابه هو المجتمع المزدهر بعكس المجتمع الفقير بشبابه فإن مآله إلى التفكك والانهيار. أهداف الدراسة : تهدف الدراسة إلى :- 1- التعرف على أهم مظاهر أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب. 2- التعرف على أهم العوامل الداخلية التى ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب. 3- التعرف على العوامل الاقتصادية التى أدت إلى حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب. 4- التعرف على العوامل الاجتماعية التى أدت إلى حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب. 5- التعرف على العوامل السياسية التى أدت إلى حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب. 6- التعرف على أهم العوامل الخارجية (آليات العولمة) التى ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب. تساؤلات الدراسة :- 1- ما هى أهم مظاهر أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب ؟ 2- ما هى أهم العوامل الداخلية التى ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب ؟ ويتفرع من هذا التساؤل مجموعة تساؤلات فرعية : أ- ما هى العوامل الاقتصادية التى طرأت على المجتمع المصرى والتى ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب ؟ ب- ما هى العوامل الاجتماعية التى طرأت على المجتمع المصرى والتى ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب ؟ جـ- ما هى العوامل السياسية التى طرأت على المجتمع المصرى والتى ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب ؟ 3- ما هى أهم العوامل الخارجية (آليات العولمة) التى ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب ؟ ويتفرع من هذا التساؤل مجموعة تساؤلات فرعية. أ- هل أدى سوء استخدام الكمبيوتر والإنترنت إلى حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب؟ ب- هل أدى سوء استخدام الدش والقنوات الفضائية إلى حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب ؟ جـ- هل أدى سوء استخدام الهاتف المحمول إلى حدوث أزمة القيم الأخلاقية بين الشباب؟ مفهوم الأزمة Crisis أصبحت الأزمات جزء من نسيج الحياة وزادت حدتها فى العصر الحالى الذى تميز بأزمات ذات إحداث داخلى من صنع البيئة الداخلية وإحداث خارجى بفعل البيئة الخارجية والطبيعة البشرية مثل العادات والتقاليد وعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية ونقص الموارد بأشكالها المختلفة التى تندرج تحتها الأخطاء البشرية وثورة المعلومات مما دفع البعض إلى وصف هذا العصر بأنه عصر الأزمات. قد يبدو للوهلة الأولى أن تحديد معنى الأزمة مسألة سهلة ولا تحتاج إلى جهد غير أن الواقع يشير إلى صعوبة ذلك فبرغم من شيوع كلمة أزمة وتناولها المستمر فى خطابنا اليومى إلا أنها من المفاهيم صعبة التحديد ربما لأنها مفهوم نسبى وله مؤشرات عديدة ومتباينة ويختلف من موقف لآخر. وتعرف الأزمة لغوياً فى قاموس ويبستر الأمريكى بأنها "حالة خطيرة وحاسمة وهى نقطة تحول تستوجب مواجهة سريعة وإلا حدث موقف جديد قد يتضمن نتائج وآثار سيئة(13). ويشير أحمد بدوى (1982) إلى أن الأزمة من الناحية الاجتماعية يقصد بها توقف الأحداث المتوقعة واضطراب العادات والعرف مما يستلزم التغيير السريع لإعادة التوازن وتكوين العادات الجديدة الأكثر ملائمة(14). ويرى تورنجتون Torrington (1989) أن الأزمة حدث مفاجئ غير متوقع تتشابك فيه الأسباب بالنتائج وتتلاحق الأحداث بسرعة كبيرة لتزيد من درجة المجهول عما يحدث من تطورات وتجعل متخذ القرار فى حيرة بالغة تجاه أى قرار يتخذه وقد تفقده قدرته على السيطرة والتصرف(15). ويرى روسين Roosen (1997) أن الأزمة هى نقطة تحول حرجة أو نقطة اتخاذ قرار فى موقف معين فهى موقف غير مألوف يحدث عادة عندما تكون هناك مشاكل كثيرة مثارة تحتاج إلى حلول حيث أنها تبدأ بحدث صغير خارج عن التحكم(16). أما شادية أحمد عبد الخالق (1999) فتعرفها بأنها نمط من فترة تتميز بالاضطراب الحاد وعدم التنظيم الشديد فى السلوك أو فى الوجدان بفعل بعض خبرات الحياة الضاغطة وغير المتوقعة(17). ويشير جلال الدين عبد الخالق (1999) إلى أن الأزمة هى حالة انفعالية تعوق استجابة الفرد لصوت العقل أو المنطق ولكى يقوم الفرد بدوره الاجتماعى يجب عليه إزالة الضغوط الناجمة عن هذه الأزمة(18). كذلك يرى أحمد إسماعيل حجى (1998) أن الأزمة نقطة تحول فى سلسلة من الأحداث المتتابعة تسبب درجة عالية من التوتر وتقود إلى نتائج غالباً ما تكون غير مرغوبة وبخاصة فى حالة عدم وجود استعداد أو قدرة على مواجهتها(19). كما يرى أحمد إبراهيم أحمد (2002) أن الأزمة تعبر عن حدث مفاجئ غير متوقع مما يؤدى إلى صعوبة التعامل معه ومن ثم ضرورة البحث عن وسائل وطرق لإدارة هذا الموقف بشكل يقلل من آثاره ونتائجه السلبية وأيضاً هى حالة مؤقتة من الاضطراب ومن اختلال التنظيم تتميز بقصور الفرد فى مواجهة هذه الحالة باستخدام الطرق المعتادة لحل المشكلات كما تتميز بما تنطوى عليه تلك الحالة من إمكانية حدوث نواتج موجبة أو سالبة بشكل جذرى(20). ويرى أحمد مجدى حجازى (2003) أن الأزمة هى نوع من التحدى نظراً لما تفرضه من ضغوط حياتية اجتماعية ونفسية على الفرد. وهى فى أبسط معانيها تشير إلى حدوث نوع من الخلل وعدم التوازن بين عناصر النظام الاجتماعى وما يحتويه من علاقات إنسانية وتوجهات عامة وقيم ومعايير أخلاقية راسخة ومتأصلة(21). والأزمة بهذا المعنى تمثل مشكلاً يتشكل عبر الزمن من مصادر كامنة فى البناء الاجتماعى ومتأثرة بمجموعة من العوامل والأبعاد المتداخلة تعوق التواصل بين الأجيال وتلغى العلاقات الطبيعية بين البشر (العلاقات الرأسية والأفقية)، وتهدم أسس الاستقرار الاجتماعى وتعبر عن تقلبات اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو كل ذلك فى آن واحد، وتظهر عادة خلال نقلات حضارية وحراك اجتماعى صعوداً أو هبوطاً تؤثر بدورها فى هذه الكيانات أو النظم مما يجعلها تشكل حالات من التوتر والقلق والشعور بالعجز وعدم التواصل والفشل فى تحقيق التوازن بين الغايات والوسائل(22). ويعرف محمد شقرون (1986) الأزمة بأنها حالة من الخلل والعجز الاجتماعى عن تسيير الوقائع الاجتماعية وملاحقة التغيرات التى تؤدى إلى حالة التفكك فى البنى والمعايير والقيم الاجتماعية. فالحديث عن الأزمة الاجتماعية يعنى الأزمة التى تمر عبر الحقل الاجتماعى والتى ترتبط بعدم إمكانية التصرف الموضوعى للقيام بتجاوز التناقض الذى أحدثه تفكك البنيان والمعايير والقيم الاجتماعية(23). ويعرف الباحث الأزمة موقف يتحدى قوى الفرد نتيجة ضغوط الحياة المجتمعية وتؤدى إلى نوع من الخلل وعدم التوازن فى البنية المجتمعية وما تتضمنه من قيم ومعايير أخلاقية راسخة ومتأصلة فى الفرد ويقصد بها فى الدراسة الحالية الأزمة الأخلاقية ونظراً لكثرة أبعاد ومؤشرات أزمة القيم الأخلاقية السلبية بين الشباب فقد ركز الباحث على خمس مؤشرات تتمثل فى الفساد بأشكاله المختلفة- الوساطة والمحسوبية- العنف- فقدان الثقة- عدم الالتزام بالقانون
مفهوم الشبـاب :- تعددت الآراء فى تعريف مفهوم الشباب فلا يوجد تعريف واحد للشباب وهناك صعوبة فى إيجاد تحديد واضح لهذا المفهوم لاختلاف الكتاب والدارسين حول حدود مرحلة الشباب، فنجد أن هناك من يحدد هذه المرحلة من سن الخامسة عشر وحتى سن الخامسة والعشرين وهناك البعض الآخر الذى يحدد هذه المرحلة من سن الثالثة عشر ويصل بها حتى سن الثلاثين. وهذا الاختلاف فى تحديد مفهوم الشباب أدى إلى وجود اتجاهات متعددة لتعريف الشباب هى على النحو التالى :- أ- الاتجاه البيولوجى : يؤكد هذا الاتجاه على أن مرحلة الشباب فى المرحلة العمرية التى يكتمل فيها النضح العضوى والعقلى للفرد. ب- الاتجاه النفسى : يهتم هذا الاتجاه بالنمو النفسى ويرى أن مرحلة الشباب عبارة عن مرحلة نمو وانتقال بين الطفولة والرشد ولها خصائص متميزة عما قبلها وبعدها. جـ- الاتجاه الاجتماعى : ينظر هذا الاتجاه للشباب باعتباره ظاهرة اجتماعية وليس ظاهرة بيولوجية فقط فمرحلة الشباب لا ترتبط بسن معين وهناك مجموعة من السمات والخصائص إذا توافرت فى فئة معينة كانت هذه الفئة شباباً بغض النظر على المرحلة العمرية(24). وهناك من يرى أن مرحلة الشباب هى مرحلة تغير كمى ونوعى فى ملامح الشخصية تتميز بدرجة عالية من التعقيد إذ تختلط فيها الرغبة فى تأكيد الذات مع البحث عن دور اجتماعى والتمرد على ما سبق إنجازه، إلى جانب الإحساس بالمسئولية والرغبة فى مجتمع أكثر مثالية مع السعى المستمر إلى التغيير وبذلك فإن توفر هذه العناصر يعكس ما يمكننا أن يسميه البعض بالشخصية الشابة(25). بينما يرى "على ليلة" أن الشباب هى مرحلة المعاناة لأنها مرحلة الاكتمال فإذا اصطلحنا على تقسيم دورة حياة الإنسان بين الطفولة والشباب والرجولة والشيخوخة، فإن المرحلة الأولى فى غالبها ذات طابع بيولوجى، بينما الثانية اكتمال بيولوجى نفسى اجتماعى، وتعتبر الثالثة هى امتداد لهذا الاكتمال إلى أقصى مستويات النضج، وهو المستوى الذى يبدأ فى التحلل خلال المرحلة الرابعة(26). ويعرف الباحث مفهوم الشباب بأنه كل من يتراوح عمره من 18- 35 سنة وينتمى إلى مستويات اجتماعية اقتصادية مختلفة ويتسم بالنضج البيولوجى والنفسى والاجتماعى ويقطن فى مدينة المنيا.